موسيقى

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

الموعظة الثانية

     اعلم أيها الأخ الحبيب : أن من أصلح سريرته أصلح الله علانيته, ومن عمل لدينه كفاه الله أمر دنياه, ومن أحسن فيما بينه وبين الله أحسن الله فيما بينه وبين الناس, يقول الإمام ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن انكسار القلب وخضوعه لله تعالى: ""ليس شيء أحب إلى الله تعالى من هذه الكسرة والخضوع والتذلل والإخبات والانطراح بين يديه سبحانه, والاستسلام له , فما أقرب الجبر من هذا القلب المكسور ! وما أدنى النصر, والرحمة والرزق منه !! و أحب القلوب إلى الله سبحانه قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة, وملكته هذه الذلة!!    وهذه الذلة والكسرة الخاصة تدخله على الله تعالى وترميه على طريق المحبة, فيفتح له منها باب لالا يفتح له من غير هذه الطريق, وإن كانت سائر  الأعمال والطاعات تفتح للعبد أبوابا من المحبة, لكن الذي يفتح منها من طريق الذل والانكسار والافتقار وازدراء النقس ورؤيتها ((اي بالنسبة لحق الله )) بعين الضعف والعجز والعيب والنقص والذم -نوع آخر وفتح آخر والسالك بهذه الطريق غريب عن الناس وهم في واد وهو في واد, فالله المستعان وهو خير الغافرين""
يقول الأوزعي: " خرج الناس يستسقون وفيهم العبد الصالح بلال بن سعد فقال: يا معشر الناس!! ألستم تقرون بالإساءة وتعترفون بالذنب ؟؟!!فقال الناس جيعاً: نعم!! فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إنك قلت ((ما على المحسنين من سبيل )) وكلنا نقر لك بالإساءة !! فغفر لنا واسقنا الغيث!! فسقاهم الله وخرجوا يمشون في المطر " قال العبد الصالح بكر بن عبد الله المزني رحمه الله: " يا ابن آدم, من مثلك؟! إذا شئت أن تدخل على مولاك بغير إذن, وتكلمه بغير ترجمان دخلت ؟!! قيل: وكيف ذلك ؟؟! فقال: تسبغ الوضوء  وتدخل محرابك! فإذا أنت قد دخلت على مولاك بغير إذن, وتكلمه بلا ترجمان"
     إذا اشتملت على اليأس                 ضاق لما به الصدر الرحيب
          وأوطنت الكاره واطمأنت               وأرسلت في مكامنها الخطوب 
    ولم تر لانكشاف الضر وجهاً           ولا أغنى بحيلته الأريب 
     أتاك على قنوط منك غوث             يمن به اللطيف المستجيب 
    وكل الحادثات إذا تناهت                  فموصول بها فرج قريب
   فيا أيها الأخ الحبيب : الدنيا سموم قاتلة, والنفوس عن مكائدها غافلة, كم من نظرة تحلو في العاجلة مرارتها لا تطاق في الآجلة! يا ابن آدم, قلبك قلب ضعيف, ورأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف. يا طفل الهوى, متى يؤنس منك رشد؟! عينك مطلقة في الحرام, ولسانك مهمل في الآثام!! وجسدك يتعب في كسب الحطام!! كم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق